فصل: تفسير الآيات رقم (8- 16)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تَفْسِيرُ سُورَةِ الْبَلَدِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تفسير الآيات رقم ‏[‏1- 7‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ أُقْسِمُ يَا مُحَمَّدُ بِهَذَا الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ مَكَّةُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَعْنِي‏:‏ مَكَّةُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَكَّةُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْحَرَامُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَكَّةُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَلَدُ مَكَّةُ‏.‏

حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَعْنِي مَكَّةَ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَكَّةُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَعْنِي‏:‏ بِمَكَّةَ؛ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ، يَعْنِي بِمَكَّةَ؛ يَقُولُ‏:‏ أَنْتَ بِهِ حَلَالٌ تَصْنَعُ فِيهِ مِنْ قَتْلِ مَنْ أَرْدَتْ قَتْلَهُ، وَأَسْرِ مَنْ أَرْدَتْ أَسَرَهُ، مُطْلَقٌ ذَلِكَ لَكَ؛ يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ هُوَ حِلٌّ، وَهُوَ حَلَالٌ، وَهُوَ حَرَمٌ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَهُوَ مَحِلٌّ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَأَحْلَلْنَا، وَأَحْرَمْنَا‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَاءَ، وَيَسْتَحْيِيَ مَنْ شَاءَ؛ فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ ابْنَ خَطَلٍ صَبْرًا وَهُوَ آخِذٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتُلَ فِيهَا حَرَامًا حَرَّمَهُ اللَّهُ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مَا صَنَعَ بِأَهْلِ مَكَّةَ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي تَحْرِيمِ الْحَرَمِ‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا‏}‏ يَعْنِي بِالنَّاسِ أَهْلَ الْقِبْلَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَا صَنَعْتَ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ أَمْرِ الْقِتَالِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أُحِلَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعَ فِيهِ سَاعَةً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَحَلَّ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ فِيهِ مَا شَاءَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ اصْنَعْ فِيهَا مَا شِئْتَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَنْتَ حِلٌّ مِمَّا صَنَعْتَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْبَلَدِ مِنْ شَيْءٍ، يَعْنِي مَكَّةَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْتَ فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَيْك فِيهِ مَا عَلَى النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بَرِيءٌ عَنِ الْحَرَجِ وَالْإِثْمِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ أَنْتَ بِهِ حِلٌّ لَسْت بِآثِمٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ حِلًّا غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّ مَنْ كَانَ بِهَا حَرَامًا، لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا فِيهَا، وَلَا يَسْتَحِلُّوا حَرَمَهُ، فَأَحَلَّهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ، فَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ قَالَ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، لَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ إِلَّا نَبِيِّكُمْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ‏}‏ يَعْنِي مُحَمَّدًا، يَقُولُ‏:‏ أَنْتَ حِلٌّ بِالْحَرَمِ، فَاقْتُلْ إِنْ شِئْتَ، أَوْ دَعْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَأَقْسَمَ بِوَالِدٍ وَبِوَلَدِهِ الَّذِي وَلَدَ‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِّي بِذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ وَمَا وَلَدَ، فَقَالَ بَعْضُهمْ‏:‏ عُنِيَ بِالْوَالِدِ‏:‏ كُلُّ وَالِدٍ، وَمَا وَلَدَ‏:‏ كُلُّ عَاقِرٍ لَمْ يَلِدْ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْوَالِدُ‏:‏ الَّذِي يَلِدُ، وَمَا وَلَدَ‏:‏ الْعَاقِرُ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْعَاقِرُ، وَالَّتِي تَلِدُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْعَاقِرُ، وَالَّتِي تَلِدُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْوَالِدُ وَوَلَدُهُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ‏:‏ آدَمُ وَوَلَدُهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْوَالِدُ‏:‏ آدَمُ، وَمَا وَلَدَ‏:‏ وَلَدُهُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَلَدُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آدَمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آدَمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كَرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آدَمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْوَالِدُ‏:‏ آدَمُ، وَمَا وَلَدَ‏:‏ وَلَدُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آدَمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آدَمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ‏:‏ إِبْرَاهِيمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الحَرَشِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يَقْرَأُ‏:‏ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ قَالَ‏:‏ إِبْرَاهِيمُ وَمَا وَلَدَ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ‏:‏ مَا قَالَهُ الَّذِينَ قَالُوا‏:‏ إِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِكُلِّ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَمَّ كَلَّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏.‏ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَخُصَّ ذَلِكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا مِنْ خَبَرٍ أَوْ عَقْلٍ، وَلَا خَبَرَ بِخُصُوصِ ذَلِكَ، وَلَا بُرْهَانَ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ بِخُصُوصِهِ، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا عَمَّهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏وَهَذَا هُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏:‏ وَقَعَ هَاهُنَا الْقَسَمُ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ لَقَدْ خَلَقْنَا ابْنَ آدَمَ فِي شِدَّةٍ وَعَنَاءٍ وَنَصَبٍ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فِي نَصَبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَنْصُورٍ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فِي شِدَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ حِينَ خُلِقَ فِي مَشَقَّةٍ لَا يُلْقَى ابْنُ آدَمَ إِلَّا مُكَابِدُ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ يُكَابِدُ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏.‏

وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ خُلِقَ خَلْقًا لَمْ نَخْلُقْ خَلْقَهُ شَيْئًا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ‏:‏ لَمْ يَخْلُقُ اللَّهُ خَلْقًا يُكَابِدُ مَا يُكَابِدُ ابْنُ آدَمَ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ يُكَابِدُ مَصَائِبِ الدُّنْيَا، وَشَدَائِدِ الْآخِرَةِ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي شِدَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي شِدَّةٍ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ فِي شِدَّةِ مَعِيشَتِهِ، وَحَمْلِهِ وَحَيَاتِهِ، وَنَبَاتِ أَسْنَانِهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ‏:‏ قَالَ مُجَاهِدٌ ‏{‏الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ شِدَّةُ خُرُوجِ أَسْنَانِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ شِدَّةٌ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ خُلِقَ مُنْتَصِبًا مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي انْتِصَابٍ، وَيُقَالُ‏:‏ فِي شِدَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَرمى بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةََ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي انْتِصَابٍ، يَعْنِي الْقَامَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُنْتَصِبًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ؛ وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُعْتَدِلًا بِالْقَامَةِ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ‏:‏ مُعْتَدِلًا فِي الْقَامَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ‏{‏خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ قَائِمًا‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي كَبَدٍ‏}‏ خُلِقَ مُنْتَصِبًا عَلَى رِجْلَيْنِ، لَمْ تُخْلَقْ دَابَّةٌ عَلَى خَلْقِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي صَعَدٍ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ أَنَّهُ خُلِقَ فِي السَّمَاءِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي السَّمَاءِ، يُسَمَّى ذَلِكَ الْكَبَدُ‏.‏

وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ‏:‏ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ خُلِقَ يُكَابِدُ الْأُمُورَ وَيُعَالِجُهَا، فَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فِي كَبَدٍ‏}‏ مَعْنَاهُ‏:‏ فِي شِدَّةٍ‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْنَا‏:‏ ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ مَعَانِي الْكَبَدِ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ‏:‏

عَيْـنِ هَـلَا بَكَـيْتِ أرْبَـدَ إِذْ *** قُمْنـا وَقَـامَ الْخُـصُومِ فِـي كَبَـدِ

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ‏}‏ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ نَـزَلَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِنْ بَنِي جُمُحٍ، كَانَ يُدْعَى أَبَا الْأَشَدِّ، وَكَانَ شَدِيدًا، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ أَيَحْسَبُ هَذَا الْقَوِيُّ بِجَلَدِهِ وَقُوَّتِهِ، أَنْ لَنْ يَقْهَرَهُ أَحَدٌ وَيَغْلِبَهُ، فَاللَّهُ غَالِبُهُ وَقَاهِرُهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏ يَقُولُ هَذَا الْجَلِيدُ الشَّدِيدُ‏:‏ أَهْلَكْتُ مَالًا كَثِيرًا، فِي عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْفَقْتُ ذَلِكَ فِيهِ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ فِعْلٌ مِنْ التَّلَبُّدِ، وَهُوَ الْكَثِيرُ، بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ لَبَدَ بِالْأَرْضِ يَلْبُدُ‏:‏ إِذَا لَصِقَ بِهَا‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏مَالًا لُبَدًا‏}‏ يَعْنِي بِاللُّبَدِ‏:‏ الْمَالُ الْكَثِيرُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏مَالًا لُبَدًا‏}‏ قَالَ‏:‏ كَثِيرًا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏‏.‏ قَالَ‏:‏ مَالَا كَثِيرًا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏ أَيْ‏:‏ كَثِيرًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مَالًا لُبَدًا‏}‏ قَالَ‏:‏ اللُّبَدُ‏:‏ الْكَثِيرُ‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ‏:‏ ‏{‏مَالًا لُبَدًا‏}‏ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ‏.‏ وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِتَشْدِيدِهَا‏.‏

وَالصَّوَابُ بِتَخْفِيفِهَا؛ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ أَيُظَنُّ هَذَا الْقَائِلُ ‏{‏أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فِي حَالِ إِنْفَاقِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ‏}‏ ابْنُ آدَمَ إِنَّك مَسْئُولٌ عَنْ هَذَا الْمَالِ، مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ، وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏8- 16‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ أَلَمْ نَجْعَلْ لِهَذَا الْقَائِلِ ‏{‏أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏ عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا حُجَجَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلِسَانًا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَا أَرَادَ، وَشَفَتَيْنِ، نِعْمَةً مِنَّا بِذَلِكَ عَلَيْهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ‏}‏ نِعَمٌ مِنْ اللَّهِ مُتَظَاهِرَةٌ، يُقْرِرْكَ بِهَا كَيْمَا تَشْكُرَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَهَدَيْنَاهُ الطَّرِيقَيْنِ، وَنَجْدُ‏:‏ طَرِيقٌ فِي ارْتِفَاعٍ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ‏:‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ، كَمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا‏}‏‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ مُنْذِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ‏:‏ لَيْسَا بِالثَّدْيَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِمْرَانَ، جَمِيعًا عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ‏:‏ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ فِي‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ الْهَدْيُ وَالضَّلَالَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ سَبِيلُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ‏:‏ مَرَّ بِنَا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ فَقَالَ‏:‏ أَمَا إِنَّهُمَا لَيْسَا بِالثَّدْيَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ سَبِيلُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ‏.‏

حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ هُمَا نَجْدَانِ‏:‏ نَجْدُ خَيْرٍ، وَنَجْدُ شَرٍّ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَطِيَّةُ أَبُو وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ‏:‏ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَلَّا إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ‏:‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ، فَمَا يَجَعَلُ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، 32 قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُمَا النَجْدَان‏:‏ نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏‏:‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هُمَا النَجْدَانِ‏:‏ نَجْدٌ الْخَيْرِ، وَنَجْدٌ الشَّرُّ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إِنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَاطِعُ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ‏.‏ وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ‏}‏‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَهَدَيْنَاهُ الثَّدْيَيْنِ‏:‏ سَبِيلِي اللَّبَنِ الَّذِي يَتَغَذَّى بِهِ، وَيَنْبُتُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ وَجِسْمُهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى بْنُ عِقَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمَا الثَّدْيَانِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ الْمُبَارَكِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ‏:‏ الثَّدْيَانِ‏.‏

وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا‏:‏ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ طَرِيقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا قَوْلَ فِي ذَلِكَ نَعْلَمُهُ غَيْرَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا، وَالثَّدْيَانِ وَإِنْ كَانَا سَبِيلِي اللَّبَنِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَهُ إِذْ عَدَّدَ عَلَى الْعَبْدِ نِعَمَهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ‏}‏ إِنَّمَا عَدَّدَ عَلَيْهِ هِدَايَتَهُ إِيَّاهُ إِلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ مِنْ نِعَمِهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَلَمْ يَرْكَبَ الْعَقَبَةَ فَيَقْطَعُهَا وَيَجُوزُهَا‏.‏

وَذُكِرَ أَنَّ الْعَقَبَةَ‏:‏ جَبَلٌ فِي جَهَنَّمَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَثْنَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَقَبَةٌ فِي جَهَنَّمَ‏.‏

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَجَالِدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ جَبَلٌ مِنْ جَهَنَّمَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ قَالَ‏:‏ جَهَنَّمُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ إِنَّهَا قَحْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَاقْتَحَمُوهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لِلنَّارِ عَقَبَةٌ دُونَ الْجِسْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ سَبْعُونَ دَرَجَةً فِي جَهَنَّمَ‏.‏

وَأَفْرَدَ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ بِذِكْر ‏"‏لَا‏"‏ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالْعَرَبُ لَا تَكَادُ تُفْرِدُهَا فِي كَلَامٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، حَتَّى يُكَرِّرَهَا مَعَ كَلَامٍ آخَرَ، كَمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى‏}‏ ‏{‏وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، اسْتِغْنَاءً بِدَلَالَةِ آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ، مِنْ إِعَادَتِهَا مَرَّةً أُخْرَى، وَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذْ فَسَّرَ اقْتِحَامَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏، فَفَسَّرَ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ ثَلَاثَةٍ، فَكَانَ كَأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، قَالَ‏:‏ فَلَا فَعَلَ ذَا وَلَا ذَا وَلَا ذَا‏.‏ وَتَأَوَّلَ ذَلِكَ ابْنُ زَيْدٍ، بِمَعْنَى‏:‏ أَفَلَا وَمَنْ تَأَوَّلَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةً إِلَى أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ مَتْرُوكًا‏.‏

ذِكْرُ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَفَلَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الَّتِي مِنْهَا النَّجَاةُ وَالْخَيْرُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَأَيُّ شَيْءٍ أَشْعَرَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْعَقَبَةُ‏.‏

ثُمَّ بَيَّنَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُ، مَا الْعَقَبَةُ، وَمَا النَّجَاةُ مِنْهَا، وَمَا وَجْهُ اقْتِحَامِهَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ اقْتِحَامُهَا وَقَطْعُهَا فَكُّ رَقَبَةٍ مِنْ الرِّقِّ، وَأَسْرِ الْعُبُودَةِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَيْسَ مُسْلِمٌ يُعْتِقُ رَقَبَةً مُسْلِمَةً؛ إِلَّا كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، «عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ‏}‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الرِّقَابِ أَيُّهَا أَعْظَمُ أَجْرًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَكْثَرُهَا ثَمَنًا»‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ «‏"‏ أَيُّمَا مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ، عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرِّرِهِ مِنْ النَّارِ؛ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِ عَظْمٍ مِنَ عِظَامِهَا، عَظْمًا مِنَ عِظَامِ مُحَرِّرِهَا مِنَ النَّارِ ‏"‏»‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَيْسٍ الْجَذَامِيِّ، عَنْ عَقَبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «‏"‏ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏}‏ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ اقْتِحَامِهَا فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ‏}‏‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ مَكَّةَ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِنْ الْكُوفِيِّينَ‏:‏ الْكِسَائِيُّ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ أَطْعَمَ‏}‏ وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ يَحْتَجُّ فِيمَا بَلَغَنِي فِيهِ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ كَأَنَّ مَعْنَاهُ‏:‏ كَانَ عِنْدَهُ، فَلَا فَكَّ رَقَبَةٍ وَلَا أَطْعَمَ، ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا‏.‏ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ‏}‏ عَلَى الْإِضَافَةِ ‏(‏أَوْ إِطْعَامٌ‏)‏ عَلَى وَجْه الْمَصْدَرِ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ‏:‏ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُلَمَاءٌ مِنْ الْقُرَّاءِ، وَتَأْوِيلٌ مَفْهُومٌ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ‏.‏ فَقِرَاءَتُهُ إِذَا قُرِئَ عَلَى وَجْهِ الْفِعْلِ تَأْوِيلُهُ‏:‏ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، لَا فَكَّ رَقَبَةٍ، وَلَا أَطْعَمَ، ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا، ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏}‏ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالتَّعْظِيمِ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَحْسَنُ مَخْرَجًا فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ اسْمٌ، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ فِعْلٌ، وَالْعَرَبُ تُؤْثِرُ رَدَّ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْأَسْمَاءِ مِثْلَهَا، وَالْأَفْعَالَ عَلَى الْأَفْعَالِ، وَلَوْ كَانَ مَجِيءُ التَّنْـزِيلِ ثُمَّ إِنْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا، كَانَ أَحْسَنَ، وَأَشْبَهُ بِالْإِطْعَامِ وَالْفَكِّ مِنْ ثُمَّ كَانَ، وَلِذَلِكَ قُلْتُ‏:‏ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ أَطْعَمَ‏}‏ أَوْجُهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ الْآخَر، وَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ وَجْهٌ مَعْرُوفٌ، وَوَجْهُهُ أَنْ تُضْمِرَ ‏"‏أَن‏"‏ ثُمَّ تُلْقِي، كَمَا قَالَ طَرَفَةَ بْنُ الْعَبْدِ‏:‏

أَلَّا أيُّهَـا ذَا الزَّاجِـرِي أحْـضُرَ الْوَغَى *** وَأَنْ أشْـهَدَ اللَّـذَّاتِ هـلْ أَنْتَ مُخْلِدِي

بِمَعْنَى‏:‏ أَلَّا أَيْهَاذَا الزَّاجِرِي أَنْ أَحْضُرَ الْوَغَى‏.‏ وَفِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏أَنْ أَشْهَد‏"‏ الدَّلَالَةُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى أَنْ أُخْرَى مِثْلَهَا، قَدْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَهَا، فَذَلِكَ وَجْهُ جَوَازِهِ‏.‏ وَإِذَا وُجِّهَ الْكَلَامُ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ‏}‏ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏}‏ كَأَنَّهُ قِيلَ‏:‏ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ‏؟‏ هِيَ فَكُّ رَقَبَةٍ ‏{‏أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ‏}‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏نَارٌ حَامِيَةٌ‏}‏ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ‏}‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَمَا أَدْرَاك مَا الْهَاوِيَةُ‏؟‏ هِيَ نَارٌ حَامِيَةٌ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏‏.‏

يَقُولُ‏:‏ أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَجَاعَةٍ، وَالسَّاغِبُ‏:‏ الْجَائِعُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ يَوْمُ مَجَاعَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنِي خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرُّقِيُّ أَبُو يَزِيدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذِي مَجَاعَةٍ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْجُوعُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ الطَّعَامُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَجَاعَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَجَاعَةٌ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ أَوْ أَطْعَمَ فِي يَوْمِ مَجَاعَةٍ صَغِيرًا لَا أَبَ لَهُ مِنْ قَرَابَتِهِ، وَهُوَ الْيَتِيمُ ذُو الْمَقْرَبَةِ؛ وَعُنِيَ بِذِي الْمَقْرَبَةِ‏:‏ ذَا الْقَرَابَةِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذَا قَرَابَةٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ‏:‏ ذُو اللُّصُوقِ بِالتُّرَابِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَأْوًى إِلَّا التُّرَابُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُطَرِّف بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَا يُوَارِيه إِلَّا التُّرَابُ‏.‏

حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَأْوًى إِلَّا التُّرَابُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَأْوًى إِلَّا التُّرَابُ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمِسْكِينُ؛ الْمَطْرُوحُ فِي التُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَا يَقِيهِ مِنَ التُّرَابِ شَيْءٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حُصَيْنٌ وَالْمُغِيرَةُ كِلَاهُمَا، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ اللَّازِقُ بِالتُّرَابِ مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ التُّرَابُ الْمُلْقَى عَلَى الطَّرِيقِ عَلَى الْكُنَاسَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْمِسْكِينُ الْمُلْقَى بِالطَّرِيقِ بِالتُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَطْرُوحُ فِي الْأَرْضِ؛ الَّذِي لَا يَقِيهِ شَيْءٌ دُونَ التُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْمُلْزَقُ بِالْأَرْضِ، لَا يَقِيهِ شَيْءٌ مِنَ التُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ وَعُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَقِيهِ مِنَ التُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ سَاقِطٌ فِي التُّرَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعَ عِكْرِمَةَ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمُلْتَزِقُ بِالْأَرْضِ مِنْ الْحَاجَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ التُّرَابُ اللَّاصِقُ بِالْأَرْضِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْمُلْقَى فِي الطَّرِيقِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَيْتٌ إِلَّا التُّرَابُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ هُوَ الْمُحْتَاجُ، كَانَ لَاصِقًا بِالتُّرَابِ، أَوْ غَيْرَ لَاصِقٍ؛ وَقَالُوا‏:‏ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ‏:‏ تَرِبَ الرَّجُلُ‏:‏ إِذَا افْتَقَرَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ شَدِيدُ الْحَاجَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْمُحَارَفُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذَا حَاجَة، التَّرِبُ‏:‏ الْمُحْتَاجُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ هُوَ ذُو الْعِيَالِ الْكَثِيرِ الَّذِينَ قَدْ لُصِقُوا بِالتُّرَابِ مِنَ الضُّرِّ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ مِسْكِينٌ ذُو بَنِينَ وَعِيَالٍ، لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ذَا عِيَالٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ التَّرِبَ هُوَ ذُو الْعِيَالِ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ‏}‏ ذَا عِيَالٍ لَاصِقِينَ بِالْأَرْضِ مِنَ الْمَسْكَنَةِ وَالْجُهْدِ‏.‏

وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ عُنِيَ بِهِ‏:‏ أَوْ مِسْكِينًا قَدْ لُصِقَ بِالتُّرَابِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعَانِيهِ‏.‏ وَأَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏(‏مَتْرَبَةٍ‏)‏ إِنَّمَا هِيَ ‏"‏مَفْعَلَة‏"‏ مِنْ تَرِبَ الرَّجُلُ‏:‏ إِذَا أَصَابَهُ التُّرَابُ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏17- 20‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ثُمَّ كَانَ هَذَا الَّذِي قَالَ‏:‏ ‏{‏أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا‏}‏ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُؤْمِنُ مَعَهُمْ كَمَا آمَنُوا ‏{‏وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَمِمَّنْ أَوْصَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالصَّبْرِ عَلَى مَا نَابَهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ ‏{‏وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَأَوْصَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالْمَرْحَمَةِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَالْقَزَّازُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ شَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَرْحَمَةُ النَّاسِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ الَّذِينَ فَعَلُوا هَذِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، مِنْ فَكِّ الرِّقَابِ، وَإِطْعَامِ الْيَتِيمِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَصْحَابُ الْيَمِينِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ‏.‏

وَقَوْله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِأَدِلَّتِنَا وَأَعْلَامِنَا وَحُجَجِنَا مِنَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ‏{‏هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ هُمْ أَصْحَابُ الشِّمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ‏.‏ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمَشْأَمَةِ، وَلِمَ قِيلَ لِلْيَسَارِ الْمَشْأَمَةُ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ‏}‏يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ عَلَيْهِمْ نَارُ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُطْبَقَةٌ؛ يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ أَوْصَدَتْ وَآصَدَتْ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُطْبَقَةٌ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ‏{‏عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُطْبَقَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ‏}‏ أَيْ؛ مُطْبَقَةٌ، أَطْبَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَلَا ضَوْءَ فِيهَا وَلَا فَرَجَ، وَلَا خُرُوجَ مِنْهَا آخِرِ الْأَبَدِ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏مُؤْصَدَةٌ‏)‏‏:‏ مُغْلَقَةٌ عَلَيْهِمْ‏.‏

آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ‏.‏

تَفْسِيرُ سُورَةِ الشَّمْسِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تفسير الآيات رقم ‏[‏1- 8‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏ قَسَمٌ أَقْسَمَ رَبُّنَا تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا؛ وَمَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ أَقْسَمَ بِالشَّمْسِ، وَبِضُحَى الشَّمْسِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏وَضُحَاهَا‏)‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَالشَّمْسُ وَالنَّهَارُ، وَكَانَ يَقُولُ‏:‏ الضُّحَى‏:‏ هُوَ النَّهَارُ كُلُّهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ هَذَا النَّهَارُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَضَوْئِهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ ضَوْئِهَا‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ‏:‏ أَقْسَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالشَّمْسِ وَنَهَارِهَا؛ لِأَنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ الظَّاهِرَةِ هُوَ النَّهَارُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَالْقَمَرُ إِذَا تَبِعَ الشَّمْسَ، وَذَلِكَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ، إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، تَلَاهَا الْقَمَرُ طَالِعًا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ يَتْلُو النَّهَارَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ يَعْنِي‏:‏ الشَّمْسُ إِذَا تَبِعَهَا الْقَمَرُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ تَبِعَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ يَتْلُوهَا صَبِيحَةَ الْهِلَالِ فَإِذَا سَقَطَتِ الشَّمْسُ رُؤي الْهِلَالُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ إِذَا تَلَاهَا لَيْلَةَ الْهِلَالِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ هَذَا قَسَمٌ، وَالْقَمَرُ يَتْلُو الشَّمْسَ نِصْفَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، و تَتْلُوهُ النِّصْفَ الْآخَرِ، فَأَمَّا النِّصْفُ الْأَوَّلُ فَهُوَ يَتْلُوهَا، وَتَكُونُ أَمَامَهُ وَهُوَ وَرَاءَهَا، فَإِذَا كَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ كَانَ هُوَ أَمَامَهَا يَقْدُمُهَا، وَتَلِيه هِيَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَاهَا، قَالَ‏:‏ إِذَا أَضَاءَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ إِذَا غَشِيَهَا النَّهَارُ‏.‏ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ ذَلِكَ بِمَعْنَى‏:‏ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَا الظُّلْمَةَ، وَيَجْعَلُ الْهَاءَ وَالْأَلِفَ مِنْ جَلَّاهَا كِنَايَةً عَنِ الظُّلْمَةِ، وَيَقُولُ‏:‏ إِنَّمَا جَازَ الْكِنَايَةُ عَنْهَا، وَلَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ قَبْلُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا مَعْرُوفٌ، كَمَا يُعْرَفُ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ أَصْبَحَتْ بَارِدَةٌ، وَأَمْسَتْ بَارِدَةٌ، وَهَبَّتْ شَمَالًا، فَكُنِّيَ عَنْ مُؤَنِّثَاتٍ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، إِذْ كَانَ مَعْرُوفًا مَعْنَاهُنَّ‏.‏

وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ‏:‏ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلَهُمْ، لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِلَّذِي قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَاللَّيْلُ إِذَا يَغْشَى الشَّمْسَ، حَتَّى تَغِيبَ فَتُظْلِمُ الْآفَاقَ‏.‏

وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا‏}‏‏:‏ إِذَا غَشَّاهَا اللَّيْلُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا‏}‏ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ وَالسَّمَاءِ وَمَنْ بَنَاهَا، يَعْنِي‏:‏ وَمَنْ خَلَقَهَا، وَبِنَاؤُهُ إِيَّاهَا‏:‏ تَصْيِيرُهُ إِيَّاهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا‏}‏ وَبِنَاؤُهَا‏:‏ خَلْقُهَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ اللَّهُ بَنَى السَّمَاءَ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ ‏(‏وَمَا بَنَاهَا‏)‏ وَهُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَانِيهَا، فَوَضَعَ ‏"‏مَا‏"‏ مَوْضِعَ ‏"‏مَن‏"‏ كَمَا قَالَ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏، فَوَضَعَ ‏"‏مَا‏"‏ فِي مَوْضِعِ ‏"‏مَن‏"‏ وَمَعْنَاهُ، وَمَنْ وَلَدَ؛ لِأَنَّهُ قَسَمٌ أَقْسَمَ بِآدَمَ وَوَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ‏}‏، وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ‏}‏ وَإِنَّمَا هُوَ‏:‏ فَانْكِحُوا مَنْ طَابَ لَكُمْ‏.‏ وَجَائِزٌ تَوْجِيهُ ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ، كَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَالسَّمَاءِ وَبِنَائِهَا، وَوَالِدٍ وَوُلَادَتِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا‏}‏ وَهَذِهِ أَيْضًا نَظِيرَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَمَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ وَالْأَرْضُ وَمَنْ طَحَاهَا‏.‏

وَمَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏طَحَاهَا‏)‏‏:‏ بَسَطَهَا يَمِينًا وَشِمَالًا وَمِنْ كُلِّ جَانِبٍ‏.‏

وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏طَحَاهَا‏)‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَالْأَرْضُ وَمَا خَلَقَ فِيهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ مَا خَلَقَ فِيهَا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ وَمَا بَسَطَهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ دَحَاهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَا طَحَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ بَسَطَهَا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَمَا قَسَّمَهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَسَّمَهَا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا‏}‏ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَا سَوَّاهَا‏}‏ نَفْسُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَوَّى النَّفْسَ وَخَلَقَهَا، فَعَدَّلَ خَلْقَهَا، فَوَضَعَ ‏"‏مَا‏"‏ مَوْضِعَ ‏"‏مَن‏"‏ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَيْضًا الْمَصْدَرُ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُهُ‏:‏ وَنَفْسٍ وَتَسْوِيَتُهَا، فَيَكُونُ الْقَسَمُ بِالنَّفْسِ وَبِتَسْوِيَتِهَا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَبَيَّنَ لَهَا مَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَأْتِيَ أَوْ تَذْرُ مِنْ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ أَوْ طَاعَةٍ، أَوْ مَعْصِيَةٍ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بَيَّنَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْله‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بَيَّنَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ عَلَّمَهَا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ عَرَّفَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏‏:‏ فَبَيَّنَ لَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏.‏

وَحُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَِيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏، بَيَّنَ لَهَا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ أَعْلَمَهَا الْمَعْصِيَةَ وَالطَّاعَةَ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ جَعَلَ فِيهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَالَا‏:‏ ثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي يَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْودِ الدِّيْلِيِّ، قَالَ‏:‏ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ‏:‏ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ وَيَتَكَادَحُونَ فِيهِ أَشِيءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سُبِقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأُكِّدَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، قَالَ‏:‏ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَفَزِعْتُ مِنْهُ فَزَعًا شَدِيدًا، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لَهُ‏:‏ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ خَلَقَهُ وَمِلْكُ يَدِهِ، ‏{‏لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ سَدَّدَكَ اللَّهُ، إِنَّمَا سَأَلَتُكَ ‏"‏أَظُنُّهُ أَنَا‏"‏ لِأَخْبُرَ عَقْلَكَ‏.‏ «إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ وَيَتَكَادَحُونَ أَشِيءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ سُبِقَ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَكَّدْتَ بِهِ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏فِي شَيْءٍ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِم‏"‏ قَالَ‏:‏ فَفِيمَ نَعْمَلُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏مَنْ كَانَ اللَّهُ خَلَقَهُ لِإِحْدَى الْمَنْـزِلَتَيْنِ يُهَيِّئُهُ لَهَا، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا‏}‏ ‏"‏»‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏9- 15‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسَهُ، فَكَثَّرَ تَطْهِيرَهَا مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَأَصْلَحَهَا بِالصَّالِحَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ قَالُوا‏:‏ مَنْ أَصْلَحَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عِكْرِمَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ مَنْ عَمِلَ خَيْرًا زَكَّاهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ بِعَمِلٍ صَالِحٍ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسَهُ‏.‏

وَهَذَا هُوَ مَوْضِعُ الْقَسَمِ؛ كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏:‏ قَدْ وَقَعَ الْقَسَمُ هَاهُنَا ‏{‏قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا تَقُولُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ نَظَائِرِهِ قَبْلُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَقَدْ خَابَ فِي طِلْبَتِهِ، فَلَمْ يُدْرِكْ مَا طَلَبَ وَالْتَمَسَ لِنَفْسِهِ مِنَ الصَّلَاحِ مَنْ دَسَّاهَا يَعْنِي‏:‏ مَنْ دَسَّسَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَأَخْمَلَهَا، وَوَضَعَ مِنْهَا بِخُذْلَانِهِ إِيَّاهَا عَنِ الْهُدَى حَتَّى رَكِبَ الْمَعَاصِيَ، وَتَرَكَ طَاعَةَ اللَّهِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ دَسَّاهَا وَهِيَ دَسَّسَهَا، فَقُلِبَتْ إِحْدَى سِينَاتِهَا يَاءً، كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ‏:‏

تَقَضِّيَ الْبَازِي إِذَا الْبَازِي كَسَرْ

يُرِيدُ‏:‏ تَقَضُّضُ‏.‏ وَتَظَنَّيْتُ هَذَا الْأَمْرَ، بِمَعْنَى‏:‏ تَظَنَّنَتْ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا، فَتُبَدِّلُ فِي الْحِرَفِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْضَ حُرُوفِهِ، يَاءً أَحْيَانًا، وَوَاوًا أَحْيَانًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ‏:‏

يَـذْهَبُ بِـي فِـي الشِّـعْرِ كُـلَّ فَنَّ *** حَـتَّى يَـرُدَّ عَنِّـي التَّظَنِّـي

يُرِيدُ‏:‏ التَّظَنُّنُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّى اللَّهُ نَفْسَهُ فَأَضَلَّهُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ يَعْنِي‏:‏ تَكْذِيبُهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ قَالَ أَحَدُهُمَا‏:‏ أَغْوَاهَا، وَقَالَ الْآخَرُ‏:‏ أَضَلَّهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ أَضَلَّهَا، وَقَالَ سَعِيدٌ‏:‏ مَنْ أَغْوَاهَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ أَغْوَاهَا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ أَثَّمَّهَا وَأَفْجَرَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَقَدْ خَابَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّى اللَّهُ نَفْسَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطُغْيَانِهَا، يَعْنِي‏:‏ بِعَذَابِهَا الَّذِي وَعَدَهُمُوهُ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَ ذَلِكَ الْعَذَابُ طَاغِيًا طَغَى عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ‏}‏‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ الْقَوْلَ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سَلَمَةَ الْفِلَسْطِينِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنِي يَزِيدُ بْنُ سَمُرَةَ الْمَذْحَجِيُّ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ اسْمُ الْعَذَابِ الَّذِي جَاءَهَا، الطَّغْوَى، فَقَالَ‏:‏ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِعَذَابِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ أَيْ‏:‏ الطُّغْيَانِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِمَعْصِيَتِهِمُ اللَّهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ مَعْصِيَتُهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ بُغْيَانُهُمْ وَبِمَعْصِيَتِهِمْ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَجْمَعِهَا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ بِأَجْمَعِهَا‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ‏:‏ ثَنِي عُمَارَةَ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، مِثْلَهُ‏.‏

وَقِيلَ ‏(‏طَغْوَاهَا‏)‏ بِمَعْنَى‏:‏ طُغْيَانُهُمْ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ لِلتَّوْفِيقِ بَيْنَ رُءُوسِ الْآيِ؛ إِذْ كَانَتِ الطَّغْوَى أَشْبَهُ بِسَائِرِ رُءُوسِ الْآيَاتِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَذَلِكَ نَظِيرَ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ‏}‏ بِمَعْنَى‏:‏ وَآخِرُ دُعَائِهِمْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ إِذْ ثَارَ أَشْقَى ثَمُودَ، وَهُوَ قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الطُّفَاوِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ‏:‏ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ فِي خُطْبَتِهِ النَّاقَةُ، وَالَّذِي عَقَرَهَا، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا‏}‏ انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَا‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا‏}‏ يَعْنِي أُحَيْمِرَ ثَمُودَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ‏}‏ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ صَالِحًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِثَمُودَ صَالِحٌ‏:‏ ‏{‏نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا‏}‏ احْذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقِيَاهَا، وَإِنَّمَا حَذَّرَهُمْ سُقِيَا النَّاقَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدُّمُ إِلَيْهِمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، أَنَّ لِلنَّاقَةِ شِرْبُ يَوْمٍ، وَلَهُمْ شِرْبُ يَوْمٍ آخَرَ، غَيْرَ يَوْمِ النَّاقَةِ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ فِيمَا مَضَى قَبْلُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا‏}‏ قِسْمُ اللَّه الَّذِي قَسَّمَ لَهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَكَذَّبُوا صَالِحًا فِي خَبَرِهِ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ، مِنْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي جَعَلَ شِرْبَ النَّاقَةِ يَوْمًا، وَلَهُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَأَنَّ اللَّهَ يُحِلُّ بِهِمْ نِقْمَتَهُ، إِنْ هُمْ عَقَرُوهَا، كَمَا وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَقَالَ‏:‏ ‏{‏كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ‏}‏، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّكْذِيبُ بِالْعَقْرِ‏.‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، جَازَ تَقْدِيمُ التَّكْذِيبِ قَبْلَ الْعَقْرِ، وَالْعَقْرِ قَبْلَ التَّكْذِيبِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ وَقَعَ عَنْ سَبَبٍ حَسُنَ ابْتِدَاؤُهُ قَبْلَ السَّبَبِ وَبَعْدَهُ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ‏:‏ أَعْطَيْتَ فَأَحْسَنْتَ، وَأَحْسَنْتَ فَأَعْطَيْتَ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُوَ الْإِحْسَانُ، وَمِنْ الْإِحْسَانِ الْإِعْطَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَقْرُ هُوَ سَبَبُ التَّكْذِيبِ، جَازَ تَقْدِيمٌ؛ أَيْ‏:‏ ذَلِكَ شَاءَ الْمُتَكَلِّمُ‏.‏ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏(‏فَكَذَّبُوهُ‏)‏ كَلِمَةٌ مُكْتَفِيَةٌ بِنَفْسِهَا، وَأَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ ‏(‏فَعَقَرُوهَا‏)‏ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا‏}‏ كَأَنَّهُ قِيلَ‏:‏ إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَعَقَرَهَا، فَقَالَ‏:‏ وَكَيْفَ قِيلَ ‏{‏فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا‏}‏ وَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ قَبْلَ قَتْلِ النَّاقَةِ مُسَلِّمِينَ، لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ، وَلَهُمْ شِرْبُ يَوْمٍ آخَرَ‏.‏ قِيلَ‏:‏ جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّهُمْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِمْ ذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهَا الشُّرْبَ، وَرَضُوا بِقَتْلِهَا، وَعَنْ رِضَا جَمِيعِهِمْ قَتَلَهَا قَاتِلُهَا، وَعَقَرَهَا مَنْ عَقَرَهَا وَلِذَلِكَ نُسِبَ التَّكْذِيبُ وَالْعَقْرُ إِلَى جَمِيعِهِمْ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا‏}‏‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَدَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَبُّهمْ بِذَنْبِهِمْ ذَلِكَ، وَكُفْرِهِمْ بِهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ صَالِحًا، وعَقْرِهِمْ نَاقَتَهُ ‏(‏فَسَوَّاهَا‏)‏ يَقُولُ‏:‏ فَسَوَّى الدَّمْدَمَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا‏}‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أُحَيْمِرَ ثَمُودَ أَبَى أَنْ يَعْقِرَهَا، حَتَّى بَايَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، وَذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، فَلَمَّا اشْتَرَكَ الْقَوْمُ فِي عَقْرِهَا دَمْدَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا‏.‏

حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ آدَمَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ‏:‏ لَمَّا عَقَرُوا النَّاقَةَ طَلَبُوا فَصِيلَهَا، فَصَارَ فِي قَارِةِ الْجَبَلِ، فَقَطَعَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ لَا يَخَافُ تَبِعَةَ دَمْدَمَتِهِ عَلَيْهِمْ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَخَافُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ تَبِعَةً‏.‏

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُمَرُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ ذَاكَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لَا يَخَافُ تَبِعَةَ مِمَّا صَنَعَ بِهِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُنَبِّهٍ، هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِي، سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَرَأَ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ ذَلِكَ الرَّبُّ صَنَعَ ذَلِكَ بِهِمْ، وَلَمْ يَخَفْ تَبِعَةً‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَخَافُ تَبِعَتَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا يَخَافُ أَنْ يُتْبَعَ بِشَيْءٍ مِمَّا صَنَعَ بِهِمْ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ، قَالَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏‏.‏ وَقَالَ الْحَارِثُ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ اللَّهُ لَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا رَزِينُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَزْنِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَخَافُ اللَّهُ التَّبِعَةَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ وَلَمْ يَخَفْ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَاهَا؛ أَيْ‏:‏ عُقْبَى فِعْلَتِهِ الَّتِي فَعَلَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو رَوْقٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الضَّحَّاكُ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَمْ يَخَفِ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَاهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ‏:‏ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَمْ يَخَفِ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَاهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِي لَا يَخَافُ الَّذِي صَنَعَ، عُقْبَى مَا صَنَعَ‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ ‏{‏فَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ بِالْفَاءِ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ فِي الْمِصْرَيْنِ بِالْوَاوِ ‏{‏وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا‏}‏ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ‏:‏ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، غَيْرُ مُخْتَلِفِي الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي إِمَالَةِ مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا، كَقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا‏}‏ ‏{‏وَمَا طَحَاهَا‏}‏ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَكَانَ يَفْتَحُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ، وَيُمِيلُونَ مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، غَيْرُ عَاصِمٍ وَالْكِسَائِيِّ، فَإِنَّ عَاصِمًا كَانَ يَفْتَحُ جَمِيعَ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَذَوَاتِ الْيَاءِ، لَا يُضْجِعُ مِنْهُ شَيْئًا‏.‏

وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَكْسِرُ ذَلِكَ كُلَّهُ‏.‏ وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَنْظُرُ إِلَى اتِّسَاقِ رُءُوسِ الْآيِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَّسِقَةً عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ أَمَالَ جَمِيعَهَا، وَأَمَّا عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُمِيلُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْإِمَالَةِ الشَّدِيدَةِ، وَلَا يَفْتَحُونَهُ الْفَتْحَ الشَّدِيدَ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ وَأَفْصَحُ ذَلِكَ وَأَحْسَنَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْتِدَاءِ السُّورَةِ، فَإِنْ كَانَتْ رُءُوسَهَا بِالْيَاءِ أَجْرَى جَمِيعَهَا بِالْإِمَالَةِ غَيْرِ الْفَاحِشَةِ، وَإِنْ كَانَتْ رُءُوسَهَا بِالْوَاوِ فُتِحَتْ وَجَرَى جَمِيعُهَا بِالْفَتْحِ غَيْرِ الْفَاحِشِ، وَإِذَا انْفَرَدَ نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ أُمِيلُ ذَوَاتَ الْيَاءِ الْإِمَالَةَ الْمُعْتَدِلَةَ، وَفَتَحَ ذَوَاتَ الْوَاوِ الْفَتْحَ الْمُتَوَسِّطَ، وَإِنَّ أُمِيلَتْ هَذِهِ، وَفُتِحَتْ هَذِهِ لَمْ يَكُنْ لَحْنًا، غَيْر أَنَّ الْفَصِيحَ مِنَ الْكَلَامِ هُوَ الَّذِي وَصَفْنَا صِفَتَهُ‏.‏

آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا